الأربعاء، 28 يوليو 2010

النقد يبنى

أرسل الكاتب جورج برنارد شو… خطاباً إلى رئيس تحرير جريدة "الديلى نيوز"، وطلب نشره كاملا برغم أنه يستغرق عمودين كاملين من الجريدة.

وفي اليوم التالي تلقى برنارد شو خطابه مع رسالة من رئيس التحرير يطلب فيها من الكاتب أن يختصر خطابه إلى ربع مساحته. أي يختصر عموداً ونصف عمود من رسالة لا تزيد على عمودين.
...
ولم يغضب برنارد شو. لم يتهم رئيس التحرير بالجهل والغباء لم يقل له إن كلامه لا يحتمل الاختصار، لأن كل كلمة يكتبها تعبر عن فكرة واتجاه.

لقد جلس برنارد شو إلى مكتبة 12 ساعة، وأعاد كتابة رسالته 11 مرة حتى استطاع أن يركز الرسالة في نصف عمود. ثم أرسلها إلى رئيس التحرير مع رسالة شكر لأن تركيز الرسالة ساعد على رفع مستواها، وأنه سيحاول منذ اليوم أن يركز أفكاره بعد أن اكتشف أن التركيز يبرزها ويدعمها ويزيد بريقها.

كتب برنارد شو هذه الرسالة عام 1904. وكان يومها كاتباً لامعاً ومع ذلك تقبل النقد بصدر رحب، وسارع في تصحيح الخطأ الذي وقع فيه. لم يتصور أن إعادة كتابة مقال تمس كرامته، أو لا تتفق مع مكانته الأدبية. بل جلس إلى مكتبة 12 ساعة، وأعاد كتابة رسالته 11 مرة حتى يخفض مساحتها إلى المساحة المسموح بها.

وهذا هو الفرق بين النوابغ والصعاليك.

الصعلوك يتصور أن كل نقد يوجه إلى عمله هو مجرد غيرة وحسد من الناقد.
والنابغة يعرف أن النقد يبنى، ولا يهدم …. وأن الرجل الناجح هو الذي يستمع إلى الرأي الآخر ، ويحاول الاستفادة منه. يعرف أن الكمال من صفات الله وليس من صفات الإنسان ، ولهذا يفتح أذنيه لكل نقد، ويسارع إلى تصحيح الأخطاء التي وقع فيها.

والديمقراطية ليس معناها أن يستشيرك الحاكم في كل خطواته فحسب، بل معناها أيضاً أن يتسع صدرك أنت لسماع نقد الناس .
وما أكثر الذين يرفعون أعلام الديمقراطية في الشوارع، وهم طغاة في بيوتهم ومكاتبهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق